الصالحون الصالحون
الصالحون

آخر الأخبار

الصالحون
random
جاري التحميل ...
random

الصحابة رضي الله عنهم


د. ناصر بن محمد الأحمد
أولاً: مقدمة قصيرة
ثانياً: نصوص من كلام الله وكلام رسوله في مدح الصحابة
ثالثاً: نماذج حية من حياة الصحابة
رابعاً: ماذا يجب علينا تجاه الصحابة

خامساً:جوانب عقدية حول الموضوع

 
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد
أولاً: المقدمة:
الصحابة رضى الله عنهم هم صدارة هذه البشرية بعد الأنبياء والرسل. تحقق فيهم رضى الله عنهم ما لم يتحقق فى غيرهم منذ بدء الخليقة إلى قيام الساعة وعوامل الخير تجمعت فيهم ما لم يتجمع فى جيل قبلهم ولن يتجمع فى جيل بعدهم فهم بحق ذلك الجيل القرآنى الفريدولهذا كان لهم من الشرف والكرامة عند الله جل وعلا ما ليس لغيرهم لماذا هذا الشرف ولماذا هذه الكرامة؟
ذلك: لأنهم أخلصوا دينهم لله، وجردوا متابعتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم على التمام والكمال ودافعوا عنه فى جميع الأحوال هان عليهم فى سبيل هذا الدين الأموال والأولاد والأرواح والدماء غادروا الأوطان وهى عزيزة عليهم راضين مختارين، تاركين ورائهم كل شىء والعجيب فى تضحية أولئك الرجال، أن مغادرتهم، وذهابهم كان إلى أراضى لا عهد لهم بها لا يعرفون شىء عن تلك الأراضى التى ذهبوا إليها وذهبوا إلى أمم لا نسب ولا ألفة بينهم وبينها، ومكثوا وراء البحر فى بلاد الحبشة سنين وأعواما حتى أعز الله دينه ونصر جنده وأعلى كلمته.
خرجوا من مكة مهاجرين إلى المدينة، كل على قدر حاله وقوته إما سرا وإما إعلانا.
وكان من جملة المهاجرين من مكة صهيب الرومى رضى الله عنه. ابن سنان الرومى، فاتبعه نفر من قريش فقالوا له: أتيتنا صعلوكا حقيرا فكثر مالك عندنا، فبلغت ما بلغت، ثم تنطلق بنفسك ومالك؟! والله لا يكون ذلك، فنزل عن راحلته وانتثل ما في كنانته ثم قال : يا معشر قريش لقد علمتم أنى من أرماكم رجلا، وأيم الله لا تصلون إلى حتى أرمى بكل سهم معى فى كنانتى، ثم أضربكم بسيفى ما بقى فى يدى منه شىء فافعلوا ما شئتم فإن شئتم دللتكم على مالى وخليتم سبيلى قالوا: نعم ففعل، فلما قدم على النبى صلى الله عليه وسلم قال: (ربح البيع أبا يحيى ربح البيع) فنزل قوله تعالى: (ومن الناس من يشرى نفسه ابتغاء مرضات الله والله رءوف بالعباد)(1)
هكذا كانوا رضى الله عنهم إذا طمع غيرهم فى المال والمتع جعلوه فداء لعقيدتهم مسترخصا فى أدنى حرمه من حرمات دينهم
وأما دفاعهم، وذبهم رضى الله عنهم عن نبيهم واسترخاصهم كل شىء فى سبيل ذلك فقد نوه الله - عز وجل - بذلك وسجله لهم فى كتابه العزيز بقوله: (ولما رءا المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما من المؤمنين رجال صدقوا ما عهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر  وما بدلوا تبديلا)(2)
ولقد حفظت لنا كتب السيرة والتواريخ ما أجاب به المهاجرون والأنصار النبيّ صلى الله عليه وسلم من القول الدال على عظيم استجابتهم لله ولرسوله عندما استشارهم صلوات الله وسلامه عليه فى غزوة بدر لما لاقوا العدو على غير ميعاد وغير استعداد فقد قام فيهم الرسول صلوات الله وسلامه عليه خطيبا فقال"أشيروا على أيها الناس"فقام الصديق فقال وأحسن القول، ثم قام عمر فقال وأحسن القول، ثم المقداد بن عمرو فقال: يا رسول الله امض لما أراك الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنوا إسرائيل لموسى: (فاذهب أنت وربك فقتلا إنا ههنا قعدون) ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون،، فو الذى بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك الغماد(3) لجالدنا معك دونه حتى تبلغه، ثم قام سعد بن معاذ فقال: والله لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال:"أجل" قال: فقد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به هو الحق وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك فو الذى بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منارجل واحد وما نكره أن تلقى بنا عدونا غداً إنا لصبر فى الحرب صدق فى اللقاء ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك فسر على بركة الله فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: "سيروا وابشروا فإن الله تعالى وعدنى إحدى الطائفتين، والله لكأنى أنظر إلى مصارع القوم"(4)
وإذا تأمل الانسان مساومة قريش لزيد بن الدثنة عندما أخرجته قريش من مكة لتقتله فى الحل بعد أن أسر هو وخبيب بن عدى يوم الرجيع رأى صلابة الصحابة فى الدين وحبهم للنبى صلى الله عليه وسلم ولتملكه العجب كما تملك أبا سفيان بن حرب فإنه قال لزيد بن الدثنة عندما قدم ليقتل: أنشدك الله يا زيد أتحب أن محمداً عندنا الآن فى مكانك نضرب عنقه وأنك فى أهلك؟ قال: والله ما أحب أن محمداً الآن فى مكانه الذى هو فيه تصيبه شوكه تؤذيه، وأنى جالس فى أهلى قال: يقول أبو سفيان: ما رأيت من الناس أحداً كحب أصحاب محمد محمداً(5)
أما خبيب بن عدى رضى الله عنه، فعندما أراد مشركوا مكة قتله سطر أبياتا تكتب بماء الذهب طلب منهم أن يصلى ركعتين فبعدما صلى، إلتفت إليهم قائلاً:
لقد جمع الأحزاب حولى وألبوا                    قبائلهم واستجمعوا كل مجمع
وكلهم مبدى العداوة جاهد                        على لأنى فى وصال بمضبع
وقد جمعوا أبنائهم ونسائهم                       وقربت من جذع طويل فمنع
الى الله اشكو غربتي ثم كربتى                   وما أرصد الاحزاب لى عند مصرعى
فيارب صبرنى على ما يراد بى                  فقد بضعوا الحمى وقد يأس مطمعى
وقد خيرونى الكفر والموت دونه                  وقد هملت عينانى من غير مجزع
وما بى حذار الموت إنى لميت                  ولكن حذارى جسم نار ملفع
ولست آبالى حين أقتل مسلما                    على أي جنب كان فى الله مصرعى
وذلك فى ذات الإله وإن يشأ                     يبارك على أوصال شلو ممزع
ولست بمبد للعدو تخشعاً                                 ولا جزعاً. إنى إلى الله مرجعى
وليس هذا التفانى والإخلاص أحرزه الرجال دون النساء والشبان بل كانوا جميعاً سواء، يتسابقون فى مرضاة الله ورسوله ويتهافتون على حياض الموت فى سبيل الله ففى إثر وقعة أحد التى أثخنت جراحها المسلمين وفقدوا عظماء فيها من كبارهم وفضلائهم مر سيد الأولين والآخرين بامرأة من بنى دينار وقد أصيب زوجها وأخوها وأبوها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحد، فلما نعوا لها قالت: فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: خيراً يا أم فلان هو بحمد الله كما تحبين قالت: أرونيه حتى أنظر إليه فأشير لها إليه حتى إذا رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل! تريد صغيرة(1).
وأما بذلهم للمال والمتاع فلم تشهد الأرض فى مسيرة بنى آدم الطويلة عليها أن توارث قوم فيما بينهم من غير قرابة ولا رابطة دم وعن طواعية واختيار ورضى إلا فى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم تتفجر ينابيع السخاء والكرم فى أمة من الأمم كما تفجرت فى جيل الصحابة الكرام الذين استظلوا براية الإسلام وشرفوا بتربية سيد الأنام ولذلك استحقوا ثناء الله – عز وجل - الذى تتلوه الألسنة على الدوام وعلى ممر السنين والأعوام: (والذين تبوء والدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون فى صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون)(2).
إن الصحابة الكرام رضى الله عنهم هم أعلام الفضيلة، ودعاة الهداية، الذين حملوا نور الإسلام فى أنحاء المعمورة وأنقذوا به البشرية من أغلال الوثنية، وأرسوا قواعد الحق والخير والعدل للإنسانية، نشروا كلمة الله حتى علت فى الأرض ورفرف علم الإسلام فى الآفاق ولقد بذلوا فى سبيل ذلك قصارى جهدهم، سهروا من أجل تبليغ كلمة الله ونشرها الليل والنهار دون ملل أو كلل بل كانوا كما أخبر الله عنهم: (فما وهنوا لما أصابهم فى سبيل الله وما وضعوا وما استكانوا)(3) لم يميلوا إلى دعة ولا أخلدوا إلى راحة ولم تغرهم الحياة الدنيا بزخارفها، ضحوا بكل غال ورخيص لكى يخرجوا العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد.
حرصوا رضى الله عنهم على ملازمة النبى صلى الله عليه وسلم حتى أخذوا عنه الكتاب والسنة واجتهدوا فى حفظهما وفهمهما فهماً متقناً ثم بلغوهما إلى من جاء بعدهم كما تلقوهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير زيادة ولا نقصان ولا تحريف ولا تبديل، فهم الواسطة بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبين من جاء بعدهم من الأمة فمن قدح فى تلك الواسطة فقد قدح فى الدين إذ القدح فى الناقل قدح فى المنقول ومهما مدح المادحون الصحابة الكرام رضى الله عنهم فإنه ضئيل إلى جانب ثناء الله ورسوله عليهم يكفيهم شرفاً وفخراً أن يكون الكتاب العزيز ناطقاً بجميل وصفهم وعظيم مدحهم، كما يكفيهم فخراً ورفعة أن يكون حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام مشيداً بتعداد محاسنهم، ومنوهاً بفضائلهم ومآثرهم إنه لا يعرف عظم قدرهم إلا من قرأ سيرتهم وتابع أخبار حركتهم ومسيرتهم ومتى عرف الإنسان ذلك أدرك لماذا أثنى الله عليهم وزكاهم فى محكم التنزيل فقد عدلهم الله من فوق سبع سماوات، ووصفهم بأنهم خير أمة أخرجت للناس قال تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً)(1).وقال تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله)(2). وقال عليه الصلاة والسلام فيهم: "خير الناس قرنى ثم الذين يلونهم..."(3) وقال: "لا تسبوا أصحابى فوالذى نفسى بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه"(4) وبهذا فهم لا يحتاجون بعد شهادة الله والرسول لهم بالفضل والخيرية إلى ثناء أحد أو تزكية بشر إنهم جيل نصر وثلة خير وأئمة دعوة ولهذا كان من تقدير العزيز العليم ومن حكمة الله البالغة أن جعلهم أمناء على حمل الرسالة السماوية الأخيرة التى ختم الله بها الرسالات والتى أنزلها الله على محمد عليه الصلاة والسلام ليقوموا بمهمة الأنبياء فى التبليغ والأداء ورغم ما تبوءة جيل الصحابة الكرام رضوان الله عليهم من مكانة عالية ومقام رفيع فقد تعرض هذا الجيل فى القديم والحديث إلى حملات العداء والتشويه لتاريخهم وسيرتهم المشرقة ممن أصيبوا بالخذلان والزندقة فقد وقف منهم الرافضة والخوارج والنواصب وبعض المعتزلة موقفاً سيئا فقد جعلوهم غرضاً لمطاعنهم القبيحة التى خالفوا بها وصية المصطفى عليه الصلاة والسلام إذ أنه وصى أمته أن يكرموهم ويحترموهم وحذرهم من التعرض لهم بالقول السيىء ولكنهم انقادوا للشيطان بزمام لم يوفقوا للاعتقاد السديد فيهم بل طعنوا فيهم وملأوا قلوبهم بالغل والكراهية لهم، ولم يوفق لمعرفة قدر الصحابة إلا أهل السنة والجماعة فلله الحمد والمنة فقد وفوهم حقهم من التكريم والإجلال، فقد كانوا موضع محبتهم واعترفوا بفضلهم ولا يذكرونهم إلا بالجميل والثناء الحسن فهم الذين انطبق عليهم الوصف الإلهى الكريم فى قوله: (والذين جاءو من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل فى قلوبنا غلا للذين ءامنوا ربنا إنك رءوف رحيم)(5) فأهل السنة والجماعة هم الذين يسألون ربهم المغفرة لهم ولإخوانهم الذين سبقوهم بالإيمان ويدعونه أن لا يجعل فى قلوبهم حقداً وحسداً للمؤمنين الذين فى مقدمتهم الصحابة الكرام رضى الله عنهم فقد هداهم الله لموالاة الجميع ومحبتهم وعرفوا لكل حقه وفضله ورأوا أنهم أكمل الأمة إسلاماً وإيماناً وعلماً وعملا وحكمة وأنزلوهم منازلهم التى استحقوها وأكرمهم الله بها.
ثانياً: نصوص الكتاب والسنة في مدح الصحابة:
إن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يكفيهم شرفا وعزا  وفخرا ان الله عز وجل قد اثنى عليهم فى كتابة الكريم وليس بعد ثناء ومدح الله لهم ثناء ولا مدح، وكذلك أثنى عليهم ومدحهم رسوله صلى الله عليه وسلم فى سنته وإليكم طرفاً من هذا.
أما كتاب الله جل وعلا ففى مواضع شتى منها: قوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) أي أنه سبحانه وتعالى جعلهم خيار الأمم ليكونوا يوم القيامة شهداء على الناس روى البخارى في صحيحة حديث أبي سعيد الخدرى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يجاء بنوح يوم القيامة فيقال له هل بلغت فيقول نعم يا رب فتسئل أمته هل بلغكم فيقولون ما جاءنا من نذير فيقول من شهودك فيقول محمد وأمته فيجاء بكم فتشهدون ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم"وكذلك جعلناكم أمة 000"وأيضاً من ثناء الله ومدحه للصحابة قوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) فهذه الأمة خير أمة أخرجت للناس ولا شك بأن الصحابة رضى الله عنهم هم أول وأفضل من دخل فى هذا الخطاب وحاز قصب السبق فى هذه الخيرية بلا نزاع لأنهم أول من خوطب بهذه الآية.
وقال تعالى أيضاً فى مدح الصحابة: (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون فى سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم).
فى هذه الآية الكريمة الخطاب فيها موجه لعباده المؤمنين الى ان تقوم الساعة وهى تتضمن وعداً من الله تبارك وتعالى لهذه الأمة وهذا الوعد هو أن من ارتد عن دين الإسلام فإنه يأتى سبحانه بقوم ينصرون هذا الدين ويبين سبحانه أنه يحبهم ويحبونه وأن منهم رقة وليناً لإخوانهم المؤمنين  كما أنهم متصفون بالغلظة والشدة على الكافرين وأنهم يجاهدون فى سبيل الله من كفر بهذا الدين ولا يخافون فى الحق لومة لائم وهذه الصفات الطيبة وإن كانت عامة فى جميع المؤمنين إلا أن أصحاب رسول الله صلى الله علية وسلم فى مقدمتهم  وفى مقدمة الصحابة أبو بكر الصديق رضى الله عنه حتى قال بعض أهل العلم أن هذه الآية المقصود بها أبو بكر الصديق وأصحابه وكان هذا من الوعيد من الله لمن سبق فى علمه أنه سيرتد بعد وفاة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم  وكذلك وعده لمن سبق فى علمه أنه لا يبدل ولا يغير دينه ولا يرتد فالمقصود بهذه الآية الصديق وأصحابه الذين قاتلوا أهل الردة حتى أدخلوهم من الباب الذى خرجوا منه
روى ابن جرير الطبرى فى تفسيره باسناده الى الحسن البصرى فى قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتى الله بقوم يحبهم ويحبونه) قال: هذا والله أبو بكر وأصحابه
وهناك آيات كثيرة أخرى فى كتاب الله فيها الثناء على الصحابة الشىء الكثير قال الله تعالى: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم).
وقال تعالى: (والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين، ليكفر الله عنهم أسوا الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذى كانوا يعملون).
وقال تعالى: (محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضوانا سيماهم فى وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم فى التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فأزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيما).
تأملوا هذا الوصف العجيب من الله جل وعلا قال سبحانه - ذلك مثلهم فى التوراة ومثلهم فى الإنجيل كزرع أخرج شطأه - أى فراخه - فآزره - أي شده وقواه - فا ستغلظ - أى شب وطال - فاستوى على سوقه... - أي فكذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم آزروه وأيدوه ونصروه فهم معه كالشطء مع الزرع - ليغيط بهم الكفار - ومن هذه الآية انتزع الإمام مالك رحمة الله عليه فى روايه عنه تكفير الروافض قال: لأنهم يغيظونهم ومن غاظه الصحابه رضى الله عنهم فهو كافر لهذه الآيه، وافقه طائفه من العلماء رضى الله عنهم على ذلك.
بل إن الصحابه يكفيهم أنهم موعودون بالجنه من الله جل وعلا، كل الصحابه قال جل وعز: (وما لكم ألا تنفقوا فى سبيل الله ولله ميراث السموات والأرض لا يستوى منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين انفقوا من بعد وقاتلوا وكلاً وعد الله الحسنى" وكلاً وعد الله الحسنى والله بما تعملون خبير)  – والحسنى هى الجنة. فكل الصحابه موعودون بالحسنى من انفق من قبل الفتح ومن انفق من بعد الفتح وقاتل.
وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم مليئه بالثناء على الصحابه، ولا بأس بأن نقف مع بعض القبس من مشكاة النبوة لنعرف عظم هؤلاء الصحابه قبل أن ننتقل إلى الفقرة الثالثة من الموضوع - وهو نماذج حية من حياة الصحابه - روى مسلم فى صحيحه. من حديث أبى بردة عن أبيه رضى الله عنه قال: صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قلنا: لو جلسنا حتى نصلى العشاء قال: فجلسنا فخرج علينا فقال: مازلتم ههنا؟ قلنا يا رسول الله صلينا معك المغرب ثم قلنا: نجلس حتى نصلى معك العشاء قال: أحسنتم أو أصبتم قال فرفع رأسه إلى السماء وكان كثيراً ما يرفع رأسه إلى السماء فقال: النجوم أمنة للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد وأنا أمنة لأصحابي فاذا ذهبت أتى أصحابى ما يوعدون وأصحابى أمنة لأمتى فإذا ذهب أصحابى أتى أمتى ما يوعدون قال النووى رحمه الله تعالى: ومعنى الحديث أن النجوم ما دامت باقيه فالسماء باقيه فإذا أنكدرت النجوم وتناثرت فى القيامه وهنت السماء فانفطرت وانشقت وذهبت وقوله صلى الله عليه وسلم  – وانا أمنه لأصحابى فإذا ذهبت أتى أصحابى ما يوعدون – أي من الفتن والحروب وارتداد من ارتد من الأعراب واختلاف القلوب ونحو ذلك مما أنذر له صريحاً وقد وقع كل ذلك. وقوله صلى الله عليه وسلم – وأصحابى أمنة لأمتى فإذا ذهب أصحابى أتى أمتى ما يوعدون – معناه من ظهور البدع والحوادث فى الدين والفتن فيه وطلوع قرن الشيطان وظهور الروم وغيرهم وانتهاك المدينه ومكه وغيرها.
فأي فضل ومدح للصحابه بعد هذا، فهم الباب الذى بوفاتهم وذهابهم دخل البدع والحوادث فى الدين بعدهم. رضى الله تعالى عنهم وأرضاهم فقد كانوا فى الأمة بمنزله النجوم فى السماء.
وروى الشيخان فى صحيحيهما من حديث ابى سعيد الخدرى رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: يأتى على الناس زمان يغزو فئام من الناس - الفئام الجماعه الكثيرة - فيقال لهم: فيكم من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم، ثم يغزو فئام من الناس فيقال لهم هل منكم من رأى من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم ثم فئام من الناس فيقال لهم هل فيكم من رأى من صحب من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون نعم فيفتح لهم"فما أعظم هذا التكريم الذى حظى به الصحابه رضوان الله تعالى عليهم وروى الشيخان أيضاً حديث عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أى الناس خير؟ قال: قرنى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجىء قوم تبدر شهاده أحدهم يمينه وتبدر يمينه شهادته. ومما جاء فى الثناء عليهم من السنه ما رواه البخارى فى صحيحه من حديث ابى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال: قال النبى صلى الله عليه وسلم، لا تسبوا أصحابى فلو أن احدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) وقال صلى الله عليه وسلم "نضر الله امرءاً سمع منا حديثاً فحفظه حتى يبلغه فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب حامل فقه ليس بفقيه" والنضاره هى النعمه والبهجه وحسن الوجه، وهذا وفاء من النبى صلى الله عليه وسلم للذى يحمل الدين والحديث ويبلغه للناس ولاشك فإن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم القسط الأكبر والحظ الأوفر من هذا الدعاء لأنهم هم الذين تلقوا كتاب الله وسنة رسول الله وهم الذين تلقوا هذا الخير وهذا النور وهذا الهدى وأدوه إلى من بعدهم، فكل إنسان يأتى بعدهم فلهم عليه منه. ولهم عليه فضل لأن هذا الدين ما وصل إلينا إلا بواسطتهم رضى الله عنهم، فكل من استفاد منه فلهم مثل أجره إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وقد ثبت فى الحديث الصحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً" وقبلهم رضى الله عنهم رسول الله صلوات ربى وسلامه عليه.
هذا هم الصحابه، بشر لكنهم عجب من البشر. قاموا بمعالم الدين، وناصحوا الإجتهاد للمسلمين، حتى تهذبت طرقه وقويت أسبابه وظهرت آلاء الله، واستقر دينه، ووضحت أعلامه، فأذل الله بهم الشرك وازال رؤوسه ومحا دعائمه، حتى صارت كلمه الله هى العليا وكلمه الذين كفروا السفلى، فصلوات الله ورحمته وبركاته على تلك النفوس الزكيه، والأرواح الطاهرة العاليه، فقد كانوا فى الحياة لله أولياء، وكانوا بعد الموت أحياء، وكانوا لعباد الله نصحاء، رحلوا إلى الآخرة قبل أن يصلوا إليها، وخرجوا من الدنيا وهم بعد فيها. يقول عبد الله بن عمر رضى الله عنهما - من كان مستناً فليستن بمن قد مات أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، كانوا خير هذه الأمة، أبرها قلوباً، وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً، قوم اختارهم الله لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، ونقل دينه، فتشبهوا بأخلاقهم وطرائقهم فهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وكانوا على الهدى المستقيم.
الصحابة أيها الأخوة علماء الأمة، لابد أن نعلم هذا جيداً، بأنهم اعلم الناس، وعلماء الأمة تلاميذهم. والعجب من يأتى فى هذا الزمان، وينقل له من فتاوى وكلام الصحابه، فيقول نحن رجال وهم رجال. يقول العلامة شمس الدين ابن القيم رحمة الله تعالى عليه ويرد على امثال هؤلاء، ويبين عمق علم الصحابة قال رحمه الله (وكيف يدعى فى أصحاب نبينا أنهم عوام وهذه العلوم النافعة المبثوثه فى الأمة على كثرتها واتساعها وتفنن ضروبها إنما هى عنهم مأخوذة ومن كلامهم وفتاويهم مستنبطه وهذا عبد الله بن عباس كان من صبيانهم وفتيانهم قد طبق الأرض علماً وبلغت فتاويه نحواً من ثلاثين سفراً، وكان بحراً لا ينزف لو نزل به أهل الأرض لأوسعهم علماً وكان إذا أخذ فى الحلال والحرام والفرائض يقول القائل لا يحسن سواه، فإذا أخذ في تفسير القرآن ومعانيه يقول السامع لا يحسن سواه فإذا أخذ فى السنه والروايه عن النبى صلى الله عليه وسلم يقول القائل لا يحسن سواه، فإذا أخذ فى القصص وأخبار الأمم وسير الماضيين فكذلك، فإذا أخذ فى أنساب العرب وقبائلها وأصولها وفروعها فكذلك، فإذا أخذ فى الشعر والغريب فكذلك، قال مجاهد: العلماء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، وقال قتادة فى قوله تعالى:"ويرى الذين أوتوا العلم الذى أنزل إليك من ربك هو الحق"قال: هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم. ولما حضر معاذاً الموت قيل له: أوصنا، قال أجلسونى، إن العلم والإيمان بمكانهما من اقتفاهما وجدهما عن أربعة رهط: عند عويمر أبى الدرداء وعند سلمان الفارسي وعند عبد الله بن مسعود وعند عبد الله بن سلام. وقيل لعلى بن أبى طالب حدثنا عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: عن أيهم؟ قالوا: فحدثنا عن حذيفه: قال أعلم أصحاب محمد بالمنافقين، قالو: فأبو ذر؟ قال كنيف ملىء علماً عجن به. قالوا فعمار؟ قال: مؤمن نسى إذا ذكرته ذكر خلط الله الإيمان بلحمه ودمه ليس للنار فيه نصيب، قالوا فأبو موسى؟ قال: صبغ فى العلم صبغه، قالوا فسلمان؟ قال: علم العلم الأول والآخر بحر لا ينزح.
وقال مسروق: جالست أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وكانوا كالإخاذ - الغدير - الإخاذ يروى الراكب، والإخاد يروى الراكبين، والإخاذ العشره، والإخاذ لو نزل به أهل الأرض لأصدرهم، وان عبد الله من تلك الإخاذ
وفى الصحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: بينا أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت منه حتى أرى الرى يخرج من أظفارى ثم أعطيت فضلى عمر، فقالوا، فما أولت ذلك يا رسول الله قال: العلم …. إلى أخر ذلك الكلام الجميل الذى ساقه فيه ابن القيم أثاراً كثيره تدل على علم الصحابه ومن أراد الرجوع إليه فليرجع إلى كتاب هدايه الحيارى لابن القيم ثم قال فى آخره: وعلماؤهم وتلاميذهم هم الذين ملأوا الأرض علماً فعلماء الإسلام كلهم تلاميذهم، وتلاميذ تلاميذهم وهلم جرا، وهؤلاء الأئمة الأربعة الذين طبق علمهم الأرض شرقاً وغرباً هم تلاميذ تلاميذهم وخيار ما عندهم ما كان عن الصحابه وخيار الفقه ما كان عنهم وأصح التفسير ما أخذ عنهم، وأما كلامهم فى باب معرفه الله وأسمائه وصفاته وأفعاله وقضاءه وقدره ففى أعلا المراتب فمن وقف عليه وعرف ما قالته الأنبياء عرف أنه مشتق منه مترجم عنه، وكل علم نافع فى الأمة فهو مستنبط من كلامهم ومأخوذ عنهم، وهؤلاء تلاميذهم وتلاميذ تلاميذهم قد طبقت تصانيفهم وفتاويهم الأرض، فهذا مالك جمعت فتاويه فى عدة أسفار، وكذلك أبو حنيفه وهذه تصانيف الشافعى تقارب المائه وهذا الإمام أحمد بلغت فتاويه وتأليفه نحو مائه سفر وفتاويه عندنا فى نحو عشرين سفراً. وغالب تصانيفه بل كلها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة التابعين، وهذا علامتهم المتأخر  وشيخ الإسلام ابن تيميه جمع بعض أصحابه فتاواه فى ثلاثين مجلداً، ورأيتها فى الديار المصرية وهذه تآليف أئمة الإسلام التى لا يحصيها إلا الله وكلهم من أولهم إلى آخرهم يقر للصحابة بالعلم والفضل  ويعترف بأن علمه بالنسبة إلى علومهم كعلومهم بالنسبة إلى علم نبيهم صلى الله عليه وسلم – انتهى.
ثالثا: نماذج حيه من حياه الصحابة:
حياة الصحابة كلها نماذج حية كان الواحد منهم رضى الله عنهم قرآنا يمشى على الأرض تقرأ فى بعض قصص الصحابة وسيرهم فتقول بأن هذا ضربا من الخيال ولولا ثبوت الأثر والقصص عنهم لما صدق الواحد منا أن هذه الأمثلة وهذه النماذج قدمها ذلك الجيل فى سبيل دينه واحتسبها عند الله جل وعلا
ما إن يطرأ فى ذهنك أو فى خاطرك باب من أبواب الخير إلا ووجدت للصحابة فيه خير مثال ولو أردنا أن نعطى فقط أمثلة معدودة، لنماذج حيه وواقعية لحياة الصحابة لجلسنا الساعات تلو الساعات ولم ننتهى وقد كتب فى ذلك مجلدات كثيرة .
وإليك أخي الكريم بعض النماذج:
أبو بكر الصديق رضي الله عنه:
ابو بكر الصديق رضى الله حبه للنبي صلى الله علية وسلم وتحمله رضى الله عنه فى سبيل الدين والتضحية بنفسه من اجل سلامة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
اسمع هذا الخبر عن الصديق، ثم قارن بما نقدمه نحن وبما نبذله نحن بل وبما نتحمله نحن فى سبيل هذا الدين.
عن عائشة رضى الله عنها قالت: لما اجتمع اصحاب النبى صلى الله عليه وسلم وكانوا ثمانية وثلاثين رجلا - الح (1) أبو بكر على رسول الله صلى الله وسلم فى الظهور فقال: "يا أبا بكر إنا قليل"فلم يزل أبو بكر يلح حتى ظهور رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرق المسلمون فى نواحى المسجد كل رجل فى عشيرتة.
وقام أبو بكر فى الناس خطيبا ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا فكان اول خطيب دعا الى الله والى رسول الله صلى الله عليه وسلم وثار المشركون على أبى بكر وعلى المسلمين فضربوا  فى نواحى المسجد ضربا شديدا ووطىء أبو بكر وضرب ضربا شديدا ودنا منة الفاسق عتبة بن ربيعة فجعل يضربه بنعلين مخصوفتين ويحرفهما لوجهه ونزا (2) على بطن أبى بكر حتى ما يعرف وجهه من أنفه وجاء بنو تيم يتعادون فأجلت المشركين عن أبى بكر، وحملت بنو تيم أبا بكر فى ثوب حتى ادخلوه منزله ولا يشكون فى موته. ثم رجعت بنو تيم فدخلوا المسجد وقالوا: والله لئن مات أبو بكر لنقتلن عتبة بن ربيعة فرجعوا الى ابى بكر فجعل ابو قحافة وبنو تيم يكلمون ابا بكر حتى اجاب فتكلم آخر النهار فقال: ما فعل رسول الله؟ فمسوا منه بالسنتهم وعذلوه ثم قاموا وقالوا لأمه ام الخير: انظري ان تطعميه شيئاً او تسقيه إياه فلما خلت به الحت عليه وجعل يقول: ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: والله ما لى علم بصاحبك.
فقال: اذهبى الى ام جميل بنت الخطاب فاسأليها عنه فخرجت حتى جاءت ام جميل فقالت: ان بكر يسألك عن محمد بن عبد الله فقالت: ما اعرف ابا بكر ولا محمد بن عبد الله ولئن كنت تحبين ان اذهب معك الى ابنك قالت: نعم فمضت معها حتى وجدت ابا بكر صريعا دنفا (3)  فدنت ام جميل واعلنت بالصياح وقالت: والله ان قوماً نالوا هذا منك لأهل فسق وكفر، وانى لأرجو ان ينتقم الله لك منهم قال: فما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: هذة امك تسمع. قال فلا شىء عليك منها قالت: سالم صالح قال، اين هو،؟ قالت: فى دار ابن الارقم (4) قال فان لله على ان لا أذوق طعاما ولا اشرب شرابا أو آتى رسول الله صلى عليه وسلم. فامهلتا حتى اذا هدأت (5) الرجل وسكن الناس، خرجتا به يتكىء عليهما حتى أدخلتاه على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فاكب عليه رسول الله صلى الله  عليه وسلم فقبله  واكب (6) عليه المسلمون ورق له رسول الله صلى الله عليه وسلم رقة شديدة فقال ابو بكر: بابى وامى يا رسول الله ليس بى بأس الا ما نال الفاسق من وجهى وهذه امى برة بولدها وانت مبارك فادعها الى الله وادع الله لها عسى الله ان يستنقذها بك من النار قال: فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاها الى الله فاسلمت. واقاموا مع رسول الله  صلى الله عليه وسلم فى الدار شهراً، وهم تسعة وثلاثون رجل، وقد كان حمزة بن عبد المطلب رضى الله عنه اسلم يوم ضرب أبو بكر رضى الله عنه.
الزبير بن العوام رضى الله تعالى عنه:
كما أخرجه الطبرانى والحاكم وغيرهما أنه صحبه رجل فى بعض أسفاره، فأصابته جنابه بأرض قفر فقال الزبير لصاحبه استرنى وذلك لكى يغتسل، قال فسترته فحانت منى إليه إلتفاته فرأيته مجدعاً بالسيوف، قلت والله لقد رأيت بك أثاراً ما رأيتها بأحد قط، قال: وقد رأيت ذلك؟ قلت نعم، قال: أما والله ما منها جراحة إلا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى سبيل الله، فرضي الله عن الزبير، قطع جسمه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سبيل خدمة هذا الدين، والواحد منا والله المستعان، لا يتحمل بل ولا يحمل جسمه شيئاً من الحر أو البرد فى سبيل الدين، بل البعض ليس لديه استعداد أن ينقص ولو جزء من الساعة من نومه من أجل طلب علم أو دعوه أو بذل أو نحو ذلك.
عمرو بن الجموح رضى الله عنه:
شيخ كبير وكان رجلاً أعرجاً لكنه عزم رضى الله عنه أن يطأ بعرجته الجنه. أسلم أولاده الأربعة قبله، وكان إسلامه متأخراً فعندما وقعت غزوة بدر أراد الخروج إلى الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، سبحان الله، شيخ كبير، وفيه عرج لكن نفسه كانت تتوف للشهادة فمنعه أولاده وطلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمره بعدم الخروج لكبر سنه، ووهن عظمه وعرجه الشديد الذى قد يعيقه فى القتال والنـزال. فتألم عمرو ألما شديداً لعدم خروجه إلى الجهاد ولكنه امتثل لأمر الرسول صلى الله عليه وسلم وبقى فى المدنية وقلبه يتقطع لملاقاه المشتركين وبذل النفس رخيصة فى سبيل الله، سبحان الله، أى نفوس هذه، وأى رجال كانوا. استدار عام كامل وجاءت معركة أحد، وخروج الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه المسلمون، فخرج المهاجرين وخرج الأنصار وبنو سلمه قوم عمرو بن الجموح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأراد عمرو أن يخرج إلى ساحة الجهاد فمنعه بنوه وقالوا له: عذرك الله، فأتى عمرو إلى رسول الله يشكوهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا عليكم أن لا تمنعوه، لعل الله يرزقه الشهادة، فانفرجت أسارير عمرو بن الجموح برخصة الرسول له بالجهاد، فانطلق إلى زوجه وحمل سلاحه ثم خرج وهو يقول (والله إنى لأرجو أن أطأ بعرجتى هذه فى الجنة) وتوجه إلى الله بكل جوارحه، وأقبل على القبله وقال - اللهم أرزقنى الشهادة ولا تردنى إلى أهلى خائباً، دخل عمرو أرض المعركة، وصار يقاتل بشجاعه وحماس، وكان ذو قامة طويله رضى الله عنه، وبينما هو يصول ويجول إذ لقيه رجل من المشركين يقال له الأسود بن جعونه، فضربه بسيفه فقتل شهيداً رضى الله عنه وأرضاه.
ربيعه بن كعب:
كان فتاً حديث السن، دخل الإيمان فى قلبه وهو صغير وامتلأ فؤاده بمعانى الإسلام. حدثته نفسه يوماً، أن يتفرغ ويتجرد لخدمه النبى صلى الله عليه وسلم ويقول سأعرض نفسى عليه، فإن رضى بى سعدت بقربه وفزت بحبه وحظيت بخيرى الدنيا والآخره تأملوا هذا الشعور وهذه التطلعات التى كان يعيشها هذا الغلام الصغير أى تربيه هذه، وأى أناس كانوا، يقول ربيعه، فعرضت نفسى على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يخيب رجائى ورضى بى أن أكون خادماً له. فصرت منذ ذلك اليوم ألزم النبى صلى الله عليه وسلم من ظله، أسير معه أينما سار وأدور فى ملكه كيفما دار. فما رمى بطرفه مره نحوى إلا مثلت واقفاً بين يديه وما تشوف لحاجه من حاجاته إلا وجدنى مسرعاً فى قضائها، وكنت أخدمه نهاره كله فإذا انقض النهار وصلى العشاء الأخيره وأوى إلى بيته أهم بالانصراف، لكنى ما ألبث أن أقول فى نفسى: إلى اين تمضى يا ربيعه؟ فلعلها تعرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم حاجه فى الليل فأجلس على بابه ولا أتحول عن عتبة بيته يقول ربيعه: وذات يوم نادانى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت لبيك يا رسول الله وسعديك، فقال: سلنى شيئاً اعطه لك. فرويت قليلاً  - أي فكرت قليلاً – ثم قلت أمهلنى يا رسول الله لأنظر فيما أطلبه منك ثم أعلمك. فقال لا بأس عليك. يقول ربيعه، وكنت يومها شاباً فقيراً لا أهل لى ولا مال ولا سكن وكان رضى الله عنه من أهل الصفه يقول فحدثتنى نفسى أن اطلب من رسول الله شيئاً من خير الدنيا أغتنى به من فقر وأغدو كالآخرين ذا مال وزوج وولد، لكنى ما لبث أن قلت تبا لك يا ربيعه أن الدنيا زائله فانيه، وان لك فيها رزقاً كفله الله عز وجل فلابد أن يأتيك لكن أطلب من رسول الله أن يسأل الله لك من فضل الآخرة [ وقفه ] فقلت يا رسول الله اسالك الله ان تدعو لى الله تعالى ان يجعلنى رفيقا لك فى الجنة فقال: من اوصاك بذلك فقلت لا والله ما اوصانى به احد ولكنك حين قلت لى: سلنى اعطك حدثتنى نفسى ان اسالك شيئا من خير الدنيا ثم ما لبثت ان هديت الى إيثار الباقية على الفانية، فسألتك ان تدعو الله لى بان اكون رفيقك فى الجنة، فصمت رسول الله طويلا ثم قال او غير ذلك ياربيعة فقلت كلا يا رسول الله فما اعدل بما سألتك شيئا فقال اذن أعني على نفسك بكثرة السجود.
يقول ربيعة:
فجعلت أدأب فى العبادة - اى اجتهد فى العبادة - لاحظى بمرافقة رسول الله صلى الله علية وسلم فى الجنة كما حظيت بخدمتة فى الدنيا (وقفه). اجتهدت انت فى العبادة لو اردت مرافقة الصالحين فى الجنة.
حبيب بن زيد الانصاري:
عجيب قصة حبيب وثبات حبيب، وقوة تحمله وصبره فى مقابل أن يطعن فى رسول الله صلى الله عليه وسلم. بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب إلى مسيلمه الكذاب مع صاحبنا حبيب بن زيد، فلمأ وقف مسيلمه على ما جاء فى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتفخ صدره ضغينة وحقداً، وبدا الشر والغدر على قسمات وجهه، وأمر بحبيب أن يقيد، وأن يؤتى به إليه فى ضحى اليوم التالى. مع أنه لم يكن إيذاء الرسل بالكتب من العادات والأعراف بين القبائل والأمم. فلما كان الغد تصدر مسيلمه مجلسه وجعل عن يمينه وشماله كبار اتباعه، وأذن للعامة بالدخول عليه ثم أمر حبيب بن زيد فجيء به إليه وهو مكبل رضى الله عنه فى قيوده. وقف حبيب وسط هذه الجموع الحاشدة الحاقدة، مرفوع الهامة شامخ الأنف، غير خائف ولا وجل. فالتفت إليه مسيلمه وقال له: أتشهد أن محمداً رسول الله؟ قال نعم. أشهد أن محمداً رسول الله، فتقطع مسيلمه غيظاً وقال: وتشهد أنى رسول الله؟ فقال حبيب بن زيد: إنه فى أذنى صمماً لا أسمع مما تقول. فارتجفت شفتا مسيلمه حنقاً وقال لجلاده: إقطع قطعة من جسده، فأهوى الجلاد على حبيب بسيفه وبتر قطعة من جسده فتدحرجت على الأرض ثم أعاد مسيلمه عليه السؤال نفسه: أتشهد ان محمداً رسول الله؟ قال نعم اشهد أن محمداً رسول الله. قال: وتشهد انى رسول الله؟ قال: قلت لك إن فى أذنى صمماً لا أسمع ما تقول فأمر بأن تقطع من جسده قطعة أخرى فقطعت وتدحرجت على الأرض والناس شاخصون بأبصارهم إليه مذهولون من تصميمه وعناده ومضى مسيلمه يسأل والجلاد يقطع وحبيب يقول أشهد أن محمداً رسول الله حتى صار نحواً من نصفه بضعاً مقطعه منثورة على الأرض ونصفه الآخر كتله تتكلم. ثم فاضت روحه وعلى شفتيه الطاهرتين أشهد أن محمداً رسول الله.
فأى قصص هذه أيها الأخوة، وما هى هذه التضحيات التى قدمها هؤلاء فى سبيل دينهم، ونحن...... [ وقفه ].
أبو طلحة الأنصاري:
هذا الصحابى له مواقف عظيمة، وله رضى الله عنه فى كل باب من أبواب الخير سهم، بل سهام كثيرة، فمثلاً إنفاقه وبذله من ماله، شيء عجيب. كان أبو طلحه جواداً بنفسه فى سبيل الله فى ساعات الشده، من ذلك أنه كان له بستان من نخيل وأعناب لم تعرف المدينة بستاناً أعظم منه شجراً ولا أطيب ثمراً ولا أعذب ماءً وفى يوم من الأيام كان ابو طلحة يصلى تحت أفياء بستانه الظليلة فإذا بطائر جميل، أخضر اللون، أحمر المنقار، جعل هذا الطائر يتواثب على أفنان هذه الأشجار ويغرد، فأعجب أبو طلحه هذا المنظر، وسبح بفكره معه؟ ثم ما لبث أن رجع إلى نفسه فإذا لا يذكر كم صلى هل صلى ركعتين أم ثلاثاً لا يدرى. فما أن خرج من صلاته حتى غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، و شكا له نفسه التى صرفها البستان وشجره الوارق وطيره عن الصلاة، ثم قال له: اشهد يا رسول الله أنى جعلت هذا البستان صدقة لله تعالى فضعه يا رسول الله حيث يحب الله ورسوله فقط لأن هذا البستان شغله شيئاً فى صلاته تصدق به كله فى سبيل الله، لا يريد أن يبقى عنده شىء يقطع عليه صلاته، كم مرة نحن نسرح فى صلواتنا ونفكر فى تجاراتنا أو أعمالنا أو أموالنا وما فكر أحدنا يوماً أن يخرج جزءً يسيراً منه فى سبيل الله، لا أقوال كله بل شىء يسير منه. والبعض ولا حول ولا قوه إلا بالله ربما أخر الفريضة عن وقتها من أجل الدنيا، لا أنه فكر فى صلاته بل أخرها. والأعظم من هذا من تركها فإنا لله وإنا إليه راجعون موقف آخر من مواقف أبى طلحه رضى الله عنه، وذلك فى جهاده فى سبيل الله، تقدم به السن حتى صار شيخاً كبيراً، ومع ذلك لم تحل الشيخوخه دونه ودون مواصلة الجهاد فى سبيل الله لإعلاء كلمة الله، وإعزاز دينه، من ذلك أن المسلمين عزموا على غزوة فى البحر فى خلافه عثمان بن عفان، فأخذ أبو طلحة يعد نفسه للخروج مع جيش المسلمين. فقال له أولاده، يرحمك الله يا أبانا، لقد صرت شيخاً كبيراً، وقد غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات، وغزوت مع أبى بكر حتى مات وغزوت مع عمر حتى مات، فهلا تركتنا نغزو عنك. فقال أبو طلحة إن الله عز وجل يقول: (انفروا خفافاً وثقالاً) فهو قد استنفرنا جميعاً، شيوخاً وشباناً ولم يحدد لنا سناً، فأبى رضى الله عنه إلا الخروج فخرج معهم، وبينما هو على ظهر السفينة مع جند المسلمين فى وسط البحر، مرض مرضاً شديداً فارق على اثره الحياة، فطفق المسلمون يبحثون له عن جزيرة ليدفنوه فيها فلم يعثروا على جزيرة إلا بعد سبعة أيام وأبو طلحة مسجى بينهم لم يتغير كأنه نائم رضى الله عنه ورحمه ثم دفن هناك بعيداً عن الأهل والأوطان وصدق الله العظيم: (وما تدرى نفس بأي أرض تموت).
أبو الدحداح رضى الله عنه:
عندما نزل قوله تعالى: (من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً) جاء أبو الدحداح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله: أو إن الله تعالى يريد منا القرض؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم يا أبا الدحداح قال ارنى يدك قال فناوله، قال فإنى اقرضت الله حائطى وكان فيها ستمائه نخله. ثم جاء يمشى حتى أتى الحائط، وأم الدحداح فيه وعياله وكانت تدور تحت النخل مع صبيانها فناداها يا أم الدحداح، قالت لبيك قال اخرجى فإنى قد اقرضت ربى حائطى وأنشأ يقول:
هداك ربى سبل الرشاد                    إلى سبيل الخير والسداد  
بيني من الحائط بالوداد                   فقد مضى قرضاً إلى التناد
أقرضته الله على اعتمادى                 بالطوع لا من ولا ارتداد
إلا رجاء الضعف فى المعاد                فارتحلى بالنفس والأولاد
والبر لاشك فخير زاد                  قدمه المرء إلى المعاد
فقالت أم الدحداح بعدما سمعت ذلك، ربح بيعك، بارك الله لك فيما اشتريت ثم أجابته أم الدحداح وأنشأت تقول:
 
بشرك الله بخير وفرح                            مثلك أدى ما لديه ونصح
قد منع الله عيالى ومنح                  بالعجوة السوداء والزهو البلح
والعبد يسعى وله ما قد كدح              طول الليالى وعليه ما اجترح
ثم أقبلت أم الدحداح على صبيانها تخرج ما فى أفواهم وتنفض ما فى أكمامهم فقال النبى صلى الله عليه وسلم: "وكم من عذق رداح ودار فياح لأبى الدحداح"
لا أدرى هل أعلق على موقف أبى الدحداح وهذه الإستجابة العجيبة بعد سماعه للآيه، أم موقف زوجته، التى ما ترددت ولا تلكأت بل امتثلت إلى درجة أنها أخرجت ما فى فم صبيانها من التمر، لأنه لم يعد ملكهم بعد اليوم.
إن مواقف الصحابه أيها الأخوة لا تنتهي، ولو جلسنا إلى الصباح ونحن نعطى أمثال هذه القصص، لخرج علينا شمس اليوم التالى بل أكثر من ذلك، ومواقفهم رضى الله عنهم لا تنتهى، لماذا؟ لأن حياتهم كلها كانت بهذا الشكل، لا يتكلفون هذه الأمثلة وهذه النماذج، بل هى طبيعيه فى حياتهم.
إن أولئك الرجال الذين تخرجوا على يد النبى صلى الله عليه وسلم وخرجوا من صحرائهم لأول مرة لا يزالون معلماً تتخرج على ضوءه الأجيال بعد الأجيال، لقد جعل الوحى منهم رجالاً غير ما عرف الناس، ومشى الدين فيهم مشى العافيه فى بدن المريض وفى فترة وجيزة من التاريخ تحولوا من رعاة الشاة والغنم إلى قادة العصور وسادة الأمم: تحولوا إلى فرسان النهار عباد الليل تسمع بالليل بكاءهم وديوهم بالقرآن كدوى النحل، وتسمع بالنهار صليل سيوفهم. رضى الله تبارك وتعالى عنهم.
مشى الوحى فيهم مشيه البرء فى الظنى
                                فأي فتى من سحره غير طافح
فطاروا إلى الدنيا بدين محمد
                                وقد فتحوا الدنيا كلمحة لامح
كأن الرياح الذاريات مطيهم
                                يلفون وجه الأرض لف الوشائح
تجود بهم رمضاء كل سنوفة
                                سوادح خيل تهتدى بسوادح
ففى كل بر منهم زحف زاحف
                                 وفى كل يم منهم سبح سابح
كأن دوى النحل مثل دويهم
                                إذا ارتفعت أصواتهم فى الفواتح
يجول بهم إسلامهم كل جولة
                                ويلقى بهم إيمانهم فى الطوائح
فما الموت فى الإيمان مر مذاقه
                                ولا الحتف فى الإسلام صعب الجوائح
فقادوا على أرماحهم كل مصعب
                                وراضوا على أسيافهم كل جامح
فلاا فيصر يزهو على الشام تاجه
                                ولا تاج كسرى كالنجوم اللوامح
تناثرت اليتجان تحت خيولهم
                                وأهوى على أقدامهم كل طامح
فأين عيون الحق تشهد أمة
                                        تأن أنين الطير من كل ذابح
تعالت، فطاحت، فاستكانت، فأصبحت
                                        لإذلالها يلهو بها كل مادح
فلا ملكها فى الأرض مشتبك العرى
                                ولا عيشها فى الناس عيش الصحائح
على مثلها من ذلة بعد عزة
                                تفيض جفون بالدموع السوافح
فهل صيحة فى العرب تبعث ملكهم
                                على ربما هبوا لصيحة صائح
رابعاً: ماذا يجب علينا تجاه الصحابة؟
وبعدما تقدم، وبعدما عرفنا بأن الصحابة بهذه المرتبه، وبهذه المنزله والمكانه، وبعدما سمعنا طرفاً من حياتهم وما قدموه فى سبيل خدمه

التعليقات



جميع الحقوق محفوظة

الصالحون

2016