![]() عمر بن عبد العزيز رحمه الله
ابن سعد : أخبرنا محمد بن عمر ، حدثنا محمد بن مسلم بن جماز ،
عن عبد الرحمن بن محمد قال : أوصى عمر بن عبد العزيز عند الموت
، فدعا بشعر من شعر النبي -صلى الله عليه وسلم- وأظفار من
أظفاره فقال : اجعلوه في كفني .
وعن رجاء بن حيوة قال لي عمر بن عبد العزيز : كن فيمن يغسلني ،
وتدخل قبري ، فإذا وضعتموني في لحدي ، فحل العقد ، ثم انظر إلى
وجهي ، فإني قد دفنت ثلاثة من الخلفاء ، كلهم إذا أنا وضعته في
لحده حللت العقد ، ثم نظرت إليه فإذا وجهه مسود ، إلى غير
القبلة ، قال رجاء : فدخلت القبر ، وحللت العقد ، فإذا وجهه
كالقراطيس في القبلة . إسنادها مظلم ، وهي في طبقات ابن سعد .
وروى ابن سعد واسحاق بن سيار ، عن عباد بن عمر الواشحي المؤذن
، حدثنا مخلد بن يزيد -وكان فاضلا خيرا- عن يوسف بن ماهك قال :
بينا نحن نسوي التراب على قبر عمر بن عبد العزيز إذ سقط علينا
كتاب رق من السماء ، فيه : بسم الله الرحمن الرحيم : أمان من
الله لعمر بن عبد العزيز من النار . .
قلت : مثل هذه الآية لو تمت لنقلها أهل ذاك الجمع ، ولما انفرد
بنقلها مجهول ، مع أن قلبي منشرح للشهادة لعمر أنه من أهل
الجنة .
قال ابن المبارك أخبرني ابن لهيعة قال : وجدوا في بعض الكتب :
تقتله خشية الله -يعني عمر بن عبد العزيز .
محمد بن مسلم الطائفي ، عن إبراهيم بن ميسرة أن عمر بن عبد
العزيز اشترى موضع قبره قبل أن يموت بعشرة دنانير .
ولكثير عزة يرثيه :
عمت صنائعه فعم هلاكه === فالناس فيه كلهم مأجور
والناس مأتمهم عليه واحد === في كل دار رنة وزفير
يثني عليك لسان من لم توله === خيرا لأنك بالثناء جدير
ردت صنائعه عليه حياته === فكأنه من نشرها منشور
روى خليفة بن خياط وغيره أن عمر بن عبد العزيز مات يوم الجمعة
لخمس بقين من رجب سنة إحدى ومائة بدير سمعان من أرض حمص .
قال : وإنما هو من أرض المعرة ، ولكن المعرة كانت من أعمال حمص
هي وحماة . وعاش تسعا وثلاثين سنة ونصفا .
وقال جعفر الصادق ، عن سفيان بن عاصم : إنه مات لخمس مضين من
رجب يوم الخميس ، ودفن بدير سمعان ، وصلى عليه مسلمة بن عبد
الملك .
قال : وكان أسمر دقيق الوجه ، حسنه ، نحيف الجسم ، حسن اللحية
، بجبهته شجة .
وقال أبو عمر الضرير : مات بدير سمعان من أرض حمص يوم الجمعة
لعشر بقين من رجب ، وله تسع وثلاثون سنة ونصف .
وقال طائفة : في رجب ، لم يذكروا اليوم ، وكانت خلافته سنتين
وخمسة أشهر وأياما .
قال سليمان بن عمير الرقي ، حدثنا أبو أمية الخصي غلام عمر بن
عبد العزيز قال : بعثني عمر بدينارين إلى أهل الدير فقال : إن
بعتموني موضع قبري ، وإلا تحولت عنكم .
قال هشام بن الغاز : نزلنا منزلا مرجعنا من دابق ، فلما
ارتحلنا مضى مكحول ، ولم نعلم أين يذهب ، فسرنا كثيرا حتى جاء
، فقلنا : أين ذهبت ؟ .
قال أتيت قبر عمر بن عبد العزيز ، وهو على خمسة أميال من
المنزل ، فدعوت له ، ثم قال : لو حلفت ما استثنيت ما كان في
زمانه أحد أخوف لله ، ولا أزهد في الدنيا منه .
قال الحكم بن عمر الرعيني : رأيت عمر بن عبد العزيز يصلي في
نعلين وسراويل ، وكان لا يحفي شاربه ، ورأيته يبدأ بالخطبة قبل
العيدين ، ثم ينزل فيصلي ، وشهدت عمر بن عبد العزيز كتب إلى
أصحاب الطرز لا تجعلوا سدى الخز إلا من قطن ، ولا تجعلوا فيه
إبريسم ، وصليت معه فكان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في كل
سورة يقرؤها وصليت خلفه الفجر ، فقنت قبل الركوع ، ورأيته يأتي
العيدين ماشيا ، ويرجع ماشيا ، ورأيت خاتمه من فضة ، وفصه من
فضة مربع . فهذه الفوائد من نسخة خالد بن مرداس ، سمعها من
الحكم .
أخبرنا أحمد بن هبة الله ، عن المؤيد الطوسي ، أخبرنا محمد بن
المفضل ، أخبرنا عبد الغافر الفارسي ، أخبرنا محمد بن عمرويه ،
أخبرنا إبراهيم بن محمد ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثني عمرو
الناقد ، حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا عبد العزيز بن أبي سلمة
، عن سهيل بن أبي صالح قال : كنا بعرفة ، فمر عمر بن عبد
العزيز ، وهو على الموسم ، فقام الناس ينظرون إليه ، فقلت لأبي
: يا أبة ! إني أرى الله يحب عمر بن عبد العزيز ، قال : وما
ذاك ؟ قلت : لما له من الحب في قلوب الناس . قال : سمعت أبا
هريرة يحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكر مثل حديث
جرير عن سهيل ، وهو : إن الله إذا أحب عبدا دعا جبريل فقال :
إني أحب فلانا فأحبه ، قال : فيحبه جبريل ، ثم ينادي في السماء
فيقول : إن الله يحب فلانا فأحبوه ، فيحبه أهل السماء ، ثم
يوضع له القبول في الأرض .
سعيد بن منصور : حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن ، عن أبيه أن حيان
بن شريح عامل مصر كتب إلى عمر بن عبد العزيز : أن أهل الذمة
قد أشرعوا في الإسلام ، وكسروا الجزية ، فكتب إليه : إن الله
بعث محمدا -صلى الله عليه وسلم- داعيا ولم يبعثه جابيا ، فإذا
أتاك كتابي فإن كان أهل الذمة أشرعوا في الإسلام ، وكسروا
الجزية ، فاطو كتابك وأقبل .
ابن وهب : حدثني مالك أن عمر بن عبد العزيز ذكر بعض ما مضى من
العدل والجور ، فقال هشام بن عبد الملك : إنا -والله- لا نعيب
أبانا ، ولا نضع شرفنا ، فقال عمر : أي عيب أعيب ممن عابه
القرآن .
قال ابن عيينة : قال رجل لعمر بن عبد العزيز : جزاك الله عن
الإسلام خيرا ، قال : بل جزى الله الإسلام عني خيرا .
ابن سعد : أخبرنا علي بن محمد ، عن لوط بن يحيى قال : كان
الولاة من بني أمية قبل عمر بن عبد العزيز يشتمون رجلا رضي
الله عنه فلما ولي هو أمسك عن ذلك ، فقال كثير عزة الخزاعي :
وليت فلم تشتم عليا ولم
تخف === بريا ، ولم تتبع مقالة مجرم
تكلمت بالحق المبين وإنما
=== تبين آيات الهدى بالتكلم
فصدقت معروف الذي قلت
بالذي === فعلت فأضحى راضيا كل مسلم
لجرير :
لو كنت أملك ، والأقدار
غالبة === تأتي رواحا وتبيانا وتبتكر
رددت عن عمر الخيرات مصرعه
=== بدير سمعان لكن يغلب القدر
ولعمر بن عبد العزيز من الولد ابنه عبد
الملك الذي توفي قبله ، وعبد الله الذي ولي العراق ، وعبد
العزيز الذي ولي الحرمين ، وعاصم ، وحفص ، وإسماعيل ، وعبيد
الله ، وإسحاق ، ويعقوب ، ويزيد ، وإصبغ ، والوليد ، وزبان ،
وآدم ، وإبراهيم ، فأم إبراهيم كلبية ، وسائرهم لعلات . ومات
معه في سنة إحدى ومائة عمه الأمير
|